05-05-2012
|
|
كلمة لحفل التخرج
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
{تمر الأيام.. فتتسابق الساعات والدقائق والثواني، تمر الأيام وتقترب طوالع الرحيل، تمر الأيام وتسبل العين دموعها، ويشتعل الفؤاد بأنينه،
تمر الأيام كما تمر الأنسام العطرات، تمر الأيام.. تمضي.. تلوح لنا بأكف قرحها تكفيف الدموع،
تمر الأيام ليسدل الستار على آخر فصل من فصول رواية...
وأي رواية؟ إنها رواية تجل عن الوصف وتعلو على النعوت.
ماذا عساني أكتب الآن؟ وبماذا أكتب؟ بل ماذا أفعل؟ أسألكن وأنا أعلم أن لحظات اجتماعنا ستنتهي.. ستحترق كما يحترق قلبي،
ماذا أفعل وأنا أرى اللحظة القاسية أوشكت على الحضور، على التجريح مرة أخرى ولكن بأسلوب مختلف.
في غد أمضي وينأى زورقي
تاركاً في البحر بحراً من دموع
أيها الصاحب حتى نلتقي
كيف ألقاك وقد عز الرجوع
ترى ماذا أفعل؟ لاشيء سأعيش اللحظة بكل دفئها.. بكل دمعها.. بكل ما تعنيه،
لتبقى ذكرى الدفء في أن احتضن لحظة الوداع بدلاً من أن تكون في احتضان لحظة اللقاء،
لأن الإنسان لا يقدر قيمة الشيء إلا بعد أن ينساب من بين يديه.
في صدري تتحرق شعلة الألم.. ولكنها تتحرق بصمت فلا يدري باحتراقي أحد، حتى أنا!!
نعم كلما تذكرت لحظة الفراق، تصهرني عبرتي الحبيسة ولكني أبعد هذه الخواطر عن نفسي متعالية
على آلامي فلا زال هناك بعض الوقت كما أدعي..
وهناك الكثير من الفرص لنلتقي، أقول هذا الحطام.. هذا الكلام.. أُأمَّل صديقاتي، أهدئ ما في نفوسهن من أشجان الفراق،
ولكنها أطلال أمل، اكتشفت أنها كذلك، فالفراق هو الفراق بلوعته وشجنه، ولو كنا سنلتقي إن شاء الله..
لن نكون سوياً في مكانً واحد كما نحن جميعاً الآن.
أستعيد كل التفاصيل.. أدق الصغائر، حقاً لولا الذكريات لم يكن لي غالٍ أبكي عليه. نعم أحبكن..
أحبكن بكل اللهفة الممكنة. ولكن..
ماذا سيبقى من خطا الأيام؟ ما الذي سيدوم حتى ينبئكن كل يوم أننا لا نزال على عهد الأخوة وميثاق المحبة؟
كم شعرت معكن بلذة هذه الكلمة ((الأخوة )) فقد شعرنا سوياً بطعم الوثوب نحو النجاح، والتطلع للأفق،
وقد كان وقود ذلك كله ــــ بعد عون الله ـــــ علو همتنا، وارتقاء أفكارنا وتوجهاتنا،
فكلما شعرت إحدانا برغبة في الغروب كان منكن من أطفأت لظى الحسرة،
وزادت إشعاع الشمس، وأوقدت الحماس.
أحبتي.. ها هي خيوط البخار تتصاعد من حمم عواطفي الصادقة نحوكن لتخط في الأفق هذه الكلمات العذبة
" سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله "
وذكر منهم صلى الله عليه وسلم رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه .
حقاً إنها أسمى علاقة توضح عمق الترابط من قشور السطح حتى توغلات الأعماق سوف أشتاق لكن ...
وسوف أشتاق لكل شيء ... كم سيشويني التوجع ..
آه ...أين يرسو زورقي والظلمات... ظلمات الفراق...
لم تدع لي ساحلاً أمضي إليه أحبب من شئت فإنك مفارقه سوف أشتاق لكل شيء...
لكن ولمعلماتي... ولزوايا المدرسة... ولفصولي التي درست فيها على مدى ثلاث سنوات ، بل حتى لمكبر الصوت ..
أخواتي الخريجات...المنطلقات نحو آفاق المستقبل ، ومساحات الغد المشرق ،
الراكبات على أشعة الطموح نحو الأهداف البراقة؟ أما مكن طرق متفرعة ،
ومجاهل عديدة ، فالزمن جادة الصواب ، فانتن دوماً كما عهدناكن التفاؤل في زمن اليأس ، الصمود في زمن الفتن،
الشموخ في زمن الانكسار .
نعم لن تبهركن مظاهر الفجور والسفور بإذن الله، والانسلاخ والانحلال حيث تخرجن إلى العالم الجامعي ..
كن كما عهدناكن إشراقة الدنيا و درب الهداية لكل البشر.
أشكركن ...أشكركن على كل شيء، على كل اللحظات التي جمعتنا معاً،
أشكر أسماءكن حينما اقترنت باسمي، وأشكر ابتساماتكن لي .
أشكر كل عضوٍ في هذه المدرسة، وأشكر هذه اللحظة وهذه الورقات وهذا السطر وهذه الشاشة
لأنهم سمحوا لي بالبقاء لحظة.. لحظة.
. أتلصص فيها شيئاً من وفاءٍ ودموعٍ واحتراق.. شكراً ألف شكر.
سأكتب خاتمة اللقاء.. بما تبقى من وعيي، بما تبقى من قلبي..
أستودعكن الله الذي لا تضيع ودائعه، التمسن لنا العذر في التقصير،
والدعاء... الدعاء جزاكن الله خيراً. فمهما طحنت رحى الفراق قلوبنا فستظل في الحنايا ذكرياتٍ عذبةٍ لكن إن شاء الله،
نعم سأبتعد لكني سأغدو متسولةً على رصيف الانتظار أتسول لحظة لقاء.
انتهت القصة.. كما انتهت السطور، رفع الستار واكتفيت بأن أرفع رأسي عالياً بعد طول إطراق..
وأنظر إلى السماء، آملة من الله الفرج القريب،
فالشمس لا تغرب في ناحية إلا لتشرق في ناحية أخرى، والصخرة التي تعترض طريق الضعيف تصده
وتقعد به بعيداً عن غاياته أبد الدهر،
هي ذاتها الصخرة التي تعترض طريق القوي فيلقي بفتاتها في حفر الطريق ووهداته ليجعله ممهداً سوياً.
أخيراً..
حكى لي قلمي عن جمعٍ من الأحبة يراهم دوماً يمرحون ويضحكون..
يوماً ما ذهبوا إلى شاطئ الوداع وخطّوا بخطوات أقدامهم كلمة الرحيل.
|
--
ارتويكك :/ إن جيتني لو بس طيف ..$‘
|