عاتكة العدوية "رضي الله عنها"
اسمها عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل، مخزومية قرشية، من عشيرة عَدِيّ بن كعب، وهي أخت سعيد بن زيد بن نفيل، زوج فاطمة بنت الخطاب (رضي الله عنهم أجمعين) وأحد العشرة المبشرين بالجنة.
كانت عاتكة حافظة للقرآن الكريم، فقد عاشت في كنف الإسلام وكانت من السابقين إليه، ومن الذين هاجروا إلى مدينة رسول الله –صلى الله عليه وسلم-.
رثاؤها لأزواجها:
قال عبد الله بن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه):
"من أراد الشهادة فليتزوج بعاتكة".
لأنها ما تزوجت أحداً إلا واستُشهد، فكانت زوجة الشهداء، وهذا جعلها من المسلمات الخالدات.
تميزت عاتكة (رضي الله عنها) بحُسن خلقها ورجاحة عقلها، وهي شاعرة من شاعرات العرب، ذات فصاحة وبلاغة..
من شعرها عندما استشهد زوجها عبد الله بن أبي بكر الصديق –رضي الله عنهم- في إحدى المعارك، بكته عاتكة ورثته بأبيات منها:
فلله عـيـنـا مـــن رأى مـثـلـه فـتــىأكـر وأحمـى فـي الهـيـاج وأصـبـرا
إذا شـرعـت فـيـه الأسـنـة خاضـهـاإلى الموت حتى يترك الرمح أحمرا
فأقسـمـت لا تنـفـكُّ عـيـنـي سـخـيَّـةعلـيـك، ولا يـنـفـكُّ جـلــدي أغـبــرا
مـدى الدهـر ماغَنَّـتْ حمـامـةُ أيـكـةٍومـا طـردَ الليـلُ الصـبـاحَ المـنـوَّرا
وعند استشهاد زوجها الثاني وهو أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) رثته بأجمل أبيات، فقالت:
فـجـعـنــي " فــيـــروز " لا درّ درّهبـأبـيــضَ تــــالٍ لـلـكـتــاب مـنــيــبِ
رؤوف على الأدنى غليظ على العداأخــي ثـقـة فــي النـائـبـات مـجـيـب
متـى مـا يقـل لا يكـذب القـول فعلـهسريـع إلـى الخيـرات غـيـر قـطـوب
عـيــن جــــودي بـعـبــرة ونـحـيــبلا تـمـلـي عـلــى الإمــــام الـنـجـيـب
فجعتـنـي المـنـون بالـفـارس الـمـعـلـــــم يـــــوم الـهــيــاج والـتـلـبـيـب
أبكـي "أمـيـر المؤمنـيـن " ودونــهلـلـزائــريــن صــفــائــح وصـــعــــد
مــــن لـنـفــس عــادهــا أحـزانــهــاولـعـيــن شـفّـهــا طـــــول الـســهــد
جـــســـد لـــفـــف فــــــي أكــفــانــهرحــمـــة الله عــلـــى ذاك الـجــســد
فــيـــه تـفـجـيــع لـمــولــى غـــــارملــــم يــدعــه الله يـمــشــي بـســبــد
وعندما توفي زوجها الثالث وهو الزبير بن العوام، حواري رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وابن عمته، قالت في رثائه:
غدر ابن جرموز بفـارس بهمـةيــوم اللـقـا وكــان غـيـر مـعـرد
يـا عـمـرو لــو نبهـتـه لوجـدتـهلا طائشاً رعش اللسان ولا اليد
شلـت يمينـك إن قتلـت لمسلـمـاًحلـت عليـك عقوبـة المستشهـد
إن الزبـيـر لــذو بــلاء صـــادقسـمـح سجيـتـه كـريـم المشـهـد
كـم غمـرة قـد خاضهـا لـم يثـنـهعنها طرادك يا ابن فقع القـرود
فاذهـب فمـا ظفـرت يـداك بمـلـةفيمن مضى ممن يروح ويغتدي
وقالت ترثي زوجها الرابع وهو الحسين بن علي بن أبي طالب:
وحسينـاً، فـلا نسيـت حسيـنـاًأقـصـدتــه أســنــة الأعــــداء
غـــادروه بـكـربـلاء صـريـعـاًجادت المزن في ذرى كربلاء
توفيت رضي الله عنها سنة أربعين للهجرة، وكانت أكثر قصائدها في الحب والرثاء..
غفر الله لك يا زوجة الشهداء وجمعنا وإياك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.