هسبريس - محمد الراجي
إلى أعماق التاريخ الإسلامي، وتحديدا بداياته الأولى، غاصتْ الباحثة والمفكّرة التونسية منجية النفري السوايحي، مُنقّبةً عمّا يُمكن أن تتحجّج به لإثبات أنّ كثيرا من الحقوق التي يُحاول المتشدّدون من عُلماء الدّين المسلمين سلْبها من المرأة المُسلمة، اليوم، أقرّها الإسلام منذ قرون من الزمان، ومنها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
ففي المجال الاقتصادي، قالت منجية النفري السوايحي، وهي أستاذة التعليم العالي بجامعة الزيتونة وعضو مجلس الجامعة ذاتها، ولها عدّة مؤلّفات حول حقوق المرأة في الإسلام، إنّ الدّين الإسلامي خوّل للمرأة الحقّ في العمل، ولم يعترض على ذلك، مُشيرة إلى أنّ المرأة المُسلمة منذ البدايات الأولى للإسلام عملت في التجارة، وكانتْ مُفتية.
وذهبت الأستاذة بجامعة الزيتونة، إلى أنّ المرأة في عهد الرسول زاولت مهنا عديدة وكانت مُقيّنة، أي الماشطة والمُزيّنة للنساء، ولم يعترض نبي الإسلام على ذلك، واستدلّت للتأكيد على ذلك بحديث جاء فيه أنّ امرأة يقال لها أمّ رعلة جاءت إلى الرسول تسأله "إني امرأة مقينة أقيّن النساء وأزينهن لأزواجهن فهل هو حوب فأثبط عنه؟" فقال الرسول "قيّنينهن وزيّنيهن".
وانتقدت صاحبة مؤلّفي "قراءة نسوية للإسلام" و "مسائل ميراث المرأة في الإسلام"، خلال مداخلة لها في ندوة "النساء في الديانات السماوية" نظمها الرابطة المحمدية للعلماء، رجال الدّين المسلمين المتشدّدين، قائلة "إذا كان هذا هو حالُ المرأة المسلمة في تلك العصور، فقد أصبحنا اليوم نرى من يهاجم النساء العاملات في محلّات الحلاقة"، وأضافت، حينَ حديثها عن حقّ المرأة في العمل أنّ لا أحد يستطيع أن يمنع المرأة من هذا الحقّ، الذي خوّله لها الإسلام.
وقالت منجية النفري السوايحي، إنّ الإسلام مكّن المرأة من حقوقها الاقتصادية، ومنها حقّها في الميراث، وحقّها في المَهْر، الذي كانَ يُعطى قبل مجيء الإسلام إلى الجزيرة العربية إلى أبِ الفتاة أو أخيها، وحقها في العمل، واستدلّت بزوجة عبد الله بن مسعود، التي كانت ذات صنعة، وكانت تنفق على زوجها وعلى أولادها، قائلة "قوامة الرجل على المرأة في الانفاق ليست تشريفا بل تكليفا".
وفي مجال الحقّ السياسي، شنّت الباحثة التونسية هجوما على رجال الدين المتشدّدين، وقالت "هناك اليوم شيوخ يجتمعون مع النساء، ويقولون لهنّ إنّ تصويت المرأة في الانتخابات حرام، إلّا أن تصوّت لمن يختارُ زوجُها"، وتابعت "بينما في عهد الرسول شاركت المرأة في النضال السياسي، وكانت شريكة في حلّ النزاعات السياسية، مستدلّة بدور زوجة الرسول أمّ سلمة التي استشار معها حين المفاوضات حول نزاع الحديبية، قائلة "الرسول كان بمستطاعه أن يجدَ حلّا لوحده، وهذا يعني أنّه أراد أن يشرك المرأة في العمل السياسي".
وتواصلتْ انتقادات الباحثة التونسية لرجال الدّين المشتدّدين، حين حديثها عن حقّ المرأة في التعليم، قائلة "بعد الثورات التي شهدتها المنطقة، طلعت علينا رؤوس تنادي يعدم تعليم المرأة، وبقائها في البيت حتّى لا تنافس الرجل في سوق العمل، وأضافت، "المفارقة أنّ المرأة شاركت في الثورات إلى جانب الرجل، وعندما انتهت الثورات تربّع أسيادنا الرجال على المناصب