05-09-2012
|
|
الصمت فن لا يعرفه الكثيرون
الصمت فن لا يعرفه الكثيرون
كثيراً ما يكـون الصمت خنجر تطعنه في قلب مـن يؤذيك
بحديثـه وتصرفاته .. وكثيراً ما كان الصمت والسـكوت رصاصـة قاتلة لعدو متربص ينتظر زلاتك حرفا او كلمة ليأخذها سـلاحا موجها ضدك... كثيراً ما يكون الصمت صمَام آمان في لحظة الاشتعال كغاز تصبه على النار فيزيد اشتعالها ولكن تكون أنت في مأمن بعيداً عنها وهو قريب منك يحترق بالنار المستعرة تجاهك .
انه الصمـت العلم الأصعب في عالم الكلام يصُعب أحيانا تفسيره والذي يمنحنا طاقة قوية للتفكير بعمق في كل ما يجري حولنا والتركيز بعقلانية ... وان نسيطر على من يقف أمامنا من خلال نظرات مُحملة بمعان منطوقـة تجعلنا حائرين في تفسيرها . ..
في لحظات من حياتنـا نجعل الصمت المتحدث الرســمي ... وسـيد المواقف يتكلم عنا ويجُيب عنا ...فالصمت الوسيلة الآمنة لتصل المشاعر إلى شاطئ الأمان من غير تجريح او تكسير ....ففي مواقف كثيرة يكون الصمت كالمكابح توقف الاندفاع بتحكمك أنت بنفسك وبمن حولك .
الصمـت لا يعني الانقطاع عن الاتصال وإنما يبعث رسـالة في غاية الوضوح فهو وسيلة اتصال غير لفظي وهو من ثم يمكن أن يكون وسيلة للتعبـير عن شيء ما... كما يكون أداة لنقل معلومات او أخبار يريد الشخص الصامت نقلها إلى الآخرين " فالصمـت والكلام هما معاً وسيلتان من وسائل الاتصال ولهذا فان الباحثين يميزون بوضوح بين نوعين من الاتصال :الأول اتصال على أساس الكلام مبني على الألفاظ المنطوقة "وهو الاتصال اللفظي " والثاني يقوم من خلال الصمت وهـو ما يُسمى بالاتصال غـير اللفظـي ... أين نحـن من هذا الفـن الكلامي المُهيب " الصمت " المصحوب ببعض الحركات والإيمـاءات والذي يُرغم من أمـامك ومن حولك على البـوح بما في داخله فيقول أكثر ما يُريد فعله فـيوُلد لدى الآخرين شـعوراً بالغيظ الشـديد لأنهم يعتبرون هجوماً مستتراً فتكون أنت الأقوى من دون كلام ولا تعب... كم يخفي الصمت الكثير من أسـرار وهمسات غير مسموعة تتطاير هنا وهناك لنلمحها ونقرأها على حقيقتهـا .
فالصمت حالة يُكتسـب فيه المرء معرفـةً ووقـاراً وهيبةً كما قال علي بن أبي طالب " بكثرة الصمت تكـون الهيبـة "... تأمل بديع صنع الله وآياته في الكون كلها فنون من الصمت ... الموسيقى والباليه والمعارض الفنية كلها من فنون الصمت ... فأنت ترى وتنصت فقط ولا تقول شيئاً ... أنها أروع حالات الصمت والتأمل وأكثرها هيبة ...
ولا عجب إن تكـلُم الصمت بما أُريد لأنه يتقن الحديث في وقت قد لا تتقن الكلمات ذلك ... فتخرج همساته صـادقة الشـعور واضحة الرؤى لا يقرأها الا من رافق الصمت فأحًبُ رفقتـه..
الصمت سـلاح صـارخ وهجوم مستتر نستطيع من خلاله تدمير أسلحـة من نتشـاجر معهم ويجُردهم من القدرة على مواصـلة الكلام.,,,
.. انه الصمت الذي يترك نقشاً عميقاً في النفس قد تتغير حياتنا وتنقلب ضدنا بسبب تصرف خرج في لحظة غضب او كلمة أثارت حفيظتنا كان من المفترض حينها ان نصمت ...ففي أحايين كثيرة تتطلب منا المواقف أن نشجب ونستنكر بصمت بالغ "هيبة للصمت" أننا نصمت عند رؤية مشـهد مؤلم او لوحة فاتنة .....وفي ساعات السفر الطويل ..أو حينما يٌســاء إلينا و يُقال عنا وفينا كلام في غير محله آلا تصمت ليكون صمتك حينها ابـلغ من الرد,!!,,,,.. وكما قالت غـادة السمان " لأننا نتقن الصمت حمُلونا وزر النوايا "
ما أجمل الصمت في المواقف الصعبة حيث يُولد الاحترام بعكس الصراع والجدل الذي يولد التنافر والحقد .ٍ ,,,,حينها تغلق جبهة حرب لتفتح مقابله باب السـلام على مصراعيه.
ولا ننسـى انه قد يكون أحياناًُ تعبيراً عن لون من ألوان الجهل وانعدام الثقافة " فالجاهل في الغالب صامت " وقد يكون الصمت في حالة الحب والصداقة بوظيفـة الارتباط ودعم العلاقة... او قد يكون علامة على الكراهية وتفكك العلاقة وانحلالها وأحياناً الصمت علامة على الغضب والاستياء وقد يكون أداة للتعبير عن التحدي الاجتماعي فبدون الصمت لا يوجد كلام فلا يمكن فصل الكلام عن الصمت .
.
"لقد ندمت على الكـلام مرات ولم اندم على الصمت مـــرة ."
ومن منا لا يعرف ما قاله سـليمان الحكيم "اذا كان الكـلام من فضـة فالسكـوت من ذهــب ".
|
..سبحان الله وبحمدة.
|