هل أنت حرة في تكوين ذاتية نفسك؟
تتجانس مجموعة من المشاعر لتكون شخصية الفرد – فمنذ صغره يحاول والداه تنشئته وفق ما يراه والداه حسناً لديهما – فالأشياء التي يحبها والداه يقدمانها له، أما تلك التي لا يحبانها يبعدانها عنه، وتندرج هذه الأعمال في العادات والتقاليد وكل ما يمكن تقليده عن طريق الطفل.
يعلمانه كيفية أسلوب التعامل مع من هم أكبر منه سنا وهكذا، ويندرج التأثير حتى في نوعية الأكل الذي يتناوله فإنه لا محالة يأكل الأكل الذي يفضله والداه.
الطفل منذ صغره يحاول أن يكون ذاته وشخصيته بمحاولة الانفلات من الهيمنة التي تفرضها عليه الأم، ففي محاولته المشي تكون الانطلاقة الأولى، حيث يفرح بهذه المرحلة وقبل أن تثبت أرجله بالأرض سرعان ما يحاول الركض ولكنه سرعان ما يسقط أرضا.
إن الله خلق الإنسان حرا والإنسان يظل يبحث عن هذه الحرية منذ صغره وحتى يموت.
والطفل يحاول منذ صغره تكوين الشخصية الاعتبارية – فهو عادة ما يحاول أن يصاحب من يصغرونه سنا حتى يفرض عليهم رأيه وأفكاره، ومما لاشك فيه فإنه يسعد كثيرا حينما يأتمر كل الصغار برأيه، وبالتالي يشعر أنه أصبح شخصية وأن كل الذين من حوله يحبونه ويعملون برأيه، بالتالي تزداد ثقته بنفسه وينال صفة الشخصية الاعتبارية.
الأم بصفتها الحضن الذي حوي ذلك الطفل تكون مشرفة على كل صغيرة وكبيرة يفعلها الطفل، لذا فإنها تسعد بكل حركة جديدة يقوم بها طفلها، وبما أنها تسعد بالحركات البسيطة التي يعملها الطفل فلماذا لا تسعد حينما يحاول الطفل بناء شخصيته وذاته؟
وللإجابة على هذا السؤال نقول إن الأم حينما يكون الطفل صغيراً تدرك أنه يقوم بمجرد حركات وأن هذه الحركات لا ولن تفلته من قبضتها، أما حينما يكبر قليلاً ويصبح قادراً على الدخول والخروج من المنزل، ويحاول تكوين شخصيته وذاته فإنها تخاف أن يفلت نهائياً عن هيمنتها، وأن يحتويه عالم آخر غير عالمها المثالي الحنون في نظرها.
والملاحظ في الطفل أنه يفلت من تلك الهيمنة رويداً رويدا، من المشي للركض ومن ثم الخروج من باب المنزل للخارج، حتى أن الأم تتنازل عن هيمنتها رويداً رويدا، ولكن هنالك أمهات تبقين مهيمنات على الطفل حتى بعد خروجه من باب المنزل، بل وسرعان ما تلحق به خارجاً وتدخله داخلاً.
الطفل حينما يبلغ سنا محددة فهو يدرك أنه انفك من أسر أمه وأنه يجب أن ينطلق في العالم حراً طليقاً، والأم التي تحاول الهيمنة على طفلها بعد تلك السن، فإن طفلها سوف يتضايق من هذه الهيمنة التي طال أمدها ويحاول بشتى الطرق الانعتاق عنها ولكن كيف وهيهات؟!!
بعض الأمهات حينما يدركن أن أطفالهن قد أصبحوا أحراراً وذوي شخصيات اعتبارية يتركن لهم الباب مفتوحاً للخروج والدخول كما يشاءون، ولكنهن لا يزلن متمسكات بالهيمنة الفكرية على آرائهم وأفكارهم، وإنني أعتقد أن الهيمنة الفكرية تعتبر أخطر من الهيمنة الحركية، حيث إنها تقيد حركة تفكير الطفل وبالتالي يصبح لا يستطيع تنفيذ أي قرار خاص به إلا بعد استشارة والدته أو والده.
بعض الأمهات المستنيرات يحاولن فك أسوار هيمنتهن بوساطة اختبار تفكير الطفل في بعض الحالات، فإن نجح فإنها تسعد وتدرك أن طفلها أصبح ناضجاً، وأن تفكيره أصبح مسئولاً ولا خوف عليه مستقبلا، وبالتالي تعمل على تشجيعه وتنمية وتوسيع مداركه ومواهبه، أما الأم الجاهلة فإنها تعتبر مبادلة طفلها الأفكار وامتناعه في بعض الأحيان عن العمل برأيها بأنه نوع من الجنوح والانفلات.
أحيانا تظهر مشكلة بالمنزل وقد يكون للوالدة رأي ولوالده رأي مخالف، وللطفل رأي ربما يسند رأي أحداهما أو يكون له رأي آخر غير الذي اقترحه الوالدان، وربما يكون صحيحاً ولكن الطفل لا يستطيع البوح به.
قد يصمت الطفل عن البوح برأيه رغماً عن اقتناعه بصحة هذا الرأي، حيث يجد مشقة وعناء في إبداء رأيه، وأحياناً إذا قال الإنسان رأيه وجد غضباً ومعارضة وعدم إنصات لتلك الآراء والأفكار.
حالياً نجد أن بعض الأمهات المستنيرات يحاولن فك الأسر عن طفلهن بأسرع فرصة ممكنة بتعليمه السلوك الجيد والحسن ومن ثم العمل على مراقبته فإذا أخطأ قاموا بإصلاحه، أما الأمهات الجاهلات فإنهن يداومن على تلك الهيمنة حتى يصبح الطفل شاباً، وحينما يصبح الطفل شاباً سوف يشعر بلا شك بفداحة الأمر حيث يرى بعض الشباب أنه مظلوم وأنه مغلق في دائرة مظلمة.
بعض الشباب يتعود على تلك الهيمنة ويصبح متوافقا معها رغما عن الضيق الذي ينتابه، وبالتالي يصبح أسيرها وحتى إن غضت والدته الطرف عنه يظل يحتاجها ويشركها في كل آرائه وأفعاله ويستمر ذلك الأمر مع البعض أحيانا حتى بعد الزواج، وبعد أن يصبح أبا لعدد من الأطفال.
أهم مظاهر بناء الذات
من أهم مظاهر الشخصية وبناء الذات ممارسة الهواية في حرية وانطلاق، فالهواية تعبر عن ذاتك وبالتالي عن استقلالك الشخصي، البعض يشجع أطفاله على ممارسة تلك الهوايات والبعض يعيقهم في أدائها، ويعللون ذلك بأنها هواية غير مجدية أو غير مفيدة....... وهكذا.
وكمثال للهوايات مثلا الطفل الذي يحب جمع الحشرات، وبعضهم يحب التعامل مع الزواحف........... وهكذا.
إن لكل طفل هواية، أيا كانت يجب احترامها من قبل الأسرة حتى الأصدقاء يجب أن يحترموا هواية صديقهم، ويجب عليهم ألا يقدموا على نقدها لأنها تعتبر قناعة وبناء ذات لذلك الطفل.
على الطفل أن يتمحور حول هوايته لأنها تعبر عن ذاته، وألا يتنازل عنها لأي سبب من الأسباب على الطفل ألا ينسلخ عن ذاته لأي سبب من الأسباب.
يجب التمسك بالهواية والرأي والفكر بعد سن السادسة عشرة، وإذا فرط الشخص في هذه الأشياء فإنه بلا محالة سوف يصبح غير حر مستقبلا.
وإذا كانت الهيمنة قاسية وقوية يظل الإنسان أسيرها، فإذا توفت والدته ووالده فإنه يظل يبحث عنها عند الآخرين وخصوصا أقرب الأقربين إليه، حيث يظل يستشيره ويعمل برأيه في كل الأمور الحياتية.
نصائح لك:
الابنة العزيزة بعد أن تتأكدي أنك تسيرين في الطريق الصحيح، وفق الشرع والدين افعلي كل ما يمكنك فعله لتسعد روحك وبالوقت ذاته لا تسببي الأذى للآخرين.
تقربي إلى جميع من حولك، انظري لمحاسنهم ولا تلتفتي لمثالبهم، اعملي على الثناء على محاسنهم فإنك سوف تصلين إلى قلوبهم وسوف يعملون على احترامك وتوقيرك، فبالحب تبنى جسور المودة والمحبة وتزداد الثقة بالنفس، حيث تعتبر هذه الخصلة من أهم الركائز لبناء الذات واحترامها.
إن قناعة الإنسان بمؤهلاته وثقافته تعتبر أيضاً من الركائز في بناء الشخصية والذات.
من الخطأ أن تركزي على المال والتفاخر به وبمقدار إمكانية صرفه وتبذيره لبناء هالة حول ذاتك وشخصيتك.
يجب أن يقتنع كل بما لديه من إمكانات وينطلق من خلالها لبناء شخصيته الحرة المتفردة بما لها من صفات خاصة به وحده. |
|
..... آستغفر آلله .., آستغفر آلله .., آستغفر آلله .., آستغفر آلله ..,
كثر مآ ضآق صدري...,
آللهم صلي وسلم على سيدنآ ||*محمد آللهم صلي وسلم على سيدنآ ||*محمد آللهم صلي وسلم على سيدنآ ||*محمد
|